أ. "إنّ عمر لم يكن عذريّاً، ولم يكن يريد أن يذهب مذهب العذريين، وإنّما كان عملياً محققاً يلتمس الحب في الأرض لا في السماء" ( طه حسين- حديث الأربعاء ج1 ص308).
ب. قال الشّابّي يخاطب المستعمر:
سخرت بأنّات شعبٍ ضعــيفٍ و كفّك مخْضـــــــــــــوبةٌ من دمــــــــاه
وســــــــــــرْت تشوّه سحْرَ الوُجـــــودِ وتبذر شوك الأسى في ربـــــــــــــــــاه
تأمّل المثال الأَول تجد طه حسين يَقْصِد أَن يعرّف المخاطب بمذهب عمر في الغزل، فغاية المتكلّم: أَن يُفيد المخاطب الحكم الذي تضمنه الخبرُ فيعرّفه بما كان يجهله ، ويسمىَّ هذا الحكم فائدة الخبر .
أمّا إذا تأمّلت بيتي الشّابّي، فإنّك تجد المتكلم لا يَقْصِد منهما أن يفيد المستعمر شيئاً كان يجهله، لأنَّه يعلم بما اقترفت يداه في حقّ الشّعب المستعْمَرِ وذلك قبل أن يعْلمه به المتكَلم(الشّاعر)، وإنما يريد الشّابّي أن يبين أنه عالم بما تضمنه الكلام. فالسامع(المستعمر) لم يستفد علماً بالخبر نفسِه، وإنما استفاد أن المتكلم عالم به، ويسمى ذلك لازم الفائدة .
--------------------------------------------------------------------------------
اَعلـَمْ
--------------------------------------------------------------------------------
الأَصْلُ في الخَبر أن يُلقَى لأحد غَرَضيْن:
أ) إِفَادَةُ المخاطَبِ الحُكْمً الذي تَضَمَّنَتْهُ الجُمْلَةُ ، وَيسَمَّى ذلك فَائِدَةَ الخَبر .
ب) إفادة المخاطبِ أنَّ المتكلِّم عالم بالحكْمِ ، ويُسَمى ذلك لازمَ الفائدة .2
)معاني الخبر البلاغية: --------------------------------------------------------------------------------
لاحـظ
--------------------------------------------------------------------------------
قال الشّابّي:
1.إني أرى َ..، فـــــــَأرَى جُمُوعاً جَمَّة لـــكـــــنّها تحيا بِلاَ ألْــــــــــــــــــــبابِ
2. مَوتى ، نَسُوا شَوقَ الحياة ِ وعزمَها وتحرَّكوا كتحرُّكِ الأنصــــــــــــــــــابِ
قال شوقي:
3.تـــــــــباغيتم كــــــــأنّكم خــــــــلايا من السّرطان لا تجد الضّمامــــــــــــــا
4. قال اللّه تعالى على لسان زكريا: ( رَبِّ إني وَهَنَ العظم منِّي واشتعلَ الرأس شيباً ) (مريم 19)
5. « فازداد الملك منه تعجباً وسروراً. فقال له: يا بيدبا ما عدوت الذي في نفسي؛ وهذا الذي كنت أطلب » (ابن المقفع)
اُنظر في هذه الأمثلة تجد أن المتكلم في كل منها لا يقصد فائدة الخبر و لا لازم الفائدة، وإنما يَقْصِد إِلى أشياء أخرى على المتلقي أن يستشفّها من السياق؛ ويلمحها في قرائن الأحوال فا لشابّي في المثال الأوّل يتحسر ويتوجّع لما آل إليه حال شعبه من خنوعٍ وخضوع للمستعمر، وأحمد شوقي في المثال الثاني ينكر الفرقة التي عليها قومه، وأمّا زكرياء عليه السّلام فيظهر عجزه وضعف جسمه،بينما نجد في المثال الرّابع الملك يستحسن مقالة بيدبا ويثني عليها.
--------------------------------------------------------------------------------
اَعلـَمْ
--------------------------------------------------------------------------------
قَدْ يخرج الخبر عن معناه الأصلي ليفيد أغراضا أخرى تُفْهَمُ مِنَ السِّيَاق، مِنْها:
إظْهارُ التحسر. و إِظْهارُ الضعْفِ، والإنكار، والاستحسان...